-->

مذكرات عاشقة



* * *
 مجموعة خواطر بعنوان "مذكرات عاشقة"
بقلم ياسـَـميـن
* * *


كان داخلها كتلاطخ الأمواج ..
مدّ يليه جزر .. جزر يليه مدّ ..
 تارة تتذكّره كما أنّه شيء من تفاصيل حياتها ،
 كما أنّه جزء من كيانها ..
كانت تتذكّر أوّل اتصال لها منه ،
 أوّل موسيقى سمعاها مع بعضهما ،
 أوّل نقاش أجرياه حول الجغرافيا و الأدب و الثقافة و الفنّ ،
 أوّل مزاح أو ردّة فعل هزليّة تجاهها ،
 تقليده لصوتها و لطريقة كلامها ،
 أوّل خصام حصل بينهما ..
كانت هذه الذكريات تهشّمها عندما تتوارى أمام عينيها كالسيناريو الذي لم يتمّ اخراجه بعد ..
و طورا ، كانت تشغّل أغنية "I will survive".. لتتوهّم أنّها قد نسيته ،
 قد محته من ذاكرتها الطفوليّة ..

 تتخيل نفسها مكان(Gloria Gaynor) عندما قالت : 
(I want to cry , but I will survive) .

هل نسته .. أم تتوهّم أنها كذلك .. ربّما سيؤول مصيرها إلى لعب تلك اللعبة الطفولية :
 أن تمسك وردة ، و تقتلع بتلاتها الواحدة بعد الأخرى ، 
لتعرف أين سيؤول مصير قلبها : النّسيان أم توهّم النسيان .. !

* * * 


في تلك الليلة ، بعد أن كتبت على صفحتها على الفيسبوك منشورا 
عبّرت فيه عن موت صفة الكره لديها تجاه النّاس ..
 أرادت أن تتفقّد ذاك الحساب التي لطالما عهدت على مراقبته بسريّة تامّة ،
 رغم أنّها كانت تكره صاحبه أيّما كره ..

- ماذا .. ؟؟
لسان حالها نطق دون انذار مسبق .. !!
- و لكن .. و لكن .. لقد ارتبط !!
أعادت قراءة ذلك مرة أخرى ، ثانية ، ثالثة و رابعة !!

- أجل .. إنّه كذلك .. الواقع و الأحداث و الزمان أثبتا لها ذلك 
كوضوح الشمس في كبد السماء ..

حاولت تنفّس الصعداء .. لم تقدر ، لم تسعها لا السماوات و لا الأراضين ..
 و كأنما هناك صخرة من الصوّان كمنت داخل قلبها .. سبقتها دموعها قبل كلماتها ،
 قبل سكناتها ، قبل ردّة فعلها .. دموع ساخنة حارقة كاوية .. 
أو ربّما باردة صاقعة .. لم تسطع أن تفسّرها ..
لم تسطع أن تنبس ببنت شفة .. لقد خانها لسانها على أن تصرخ ،
 على أن تخرج ذاك الوحش الكاسر الذي أمسى واهن القوى ..
 كيف السبيل إلى أن تتقبّل ذلك ..

وسادتها المبللّلة بدموع الحرقة هي الوحيدة التي كانت شاهدة عليها ،
 في تلك الليلة الصيفية الملعونة التي لم تعهد مثلها في حياتها مطلقا ..
أمّا انا ، فكنت أتحاور مع مذكّرتي المدلّلة ، حتّى أوثّق قصّة ، قتلتها المسافات .. !

* * *

تلقّت إتصالا .. و هاهي سترفع السمّاعة لتجيب ..
- ألو ..
ألو مرحبا .. كيف أحوالك ؟
- أنا بخير .. شكرا لكَ ..
( تصمت برهة ) ..
- أتستمع لموسيقى ياني ؟
( يصمت من دهشته )
و ... و ... لكن كيف عرفتِ ذلك ؟
- ههه لم يكن الأمر بغاية الصّعوبة .. ليس صعبا أن تتعرف على موسيقى لعملاق مثل ياني .. !
ههه أعلم .. و لكنّ المدهش .. هو الوقت الذّي استغرقتِه في معرفة اسم المقطوعة .. لم يتجاوز 6 ثوان .. !
( تضحك )
- أكرّر مجدّدا .. إنّه ياني .. ليس صعبا أن لا أتعرّف عليه .. الأمر بغاية البساطة ..
 و سأوضّح لك أكثر .. إنّها مقطوعة (Prelude and nostalgia)
  التي قد عزفها معه أيضا ، الأرمني ( Samuel yervinian) .

حسنا ههه .. لقد هزمتِنيِ ..
- جيّد جدّا .. هذا ما كنت أرمي إليه .. لست أنت فقط من يحبّ ياني هااه ..
و لكن هل اتّصلت بكِ لسماع صوتي .. أم سماع موسيقى ياني ؟
( تصمت لبرهة )
- ههه .. لا أعرف ..
حسنا حسنا .. سؤالي لكِ إن سمحتِ طبعا ..
- بكلّ سرور ..
أ .. أ .. أنتِ لازلت صغيرة .. أنّى لكِ أن تعرفي كلّ هاته الأشياء .. أنتِ تحفظين اقتباسات الكتب .. الأفلام .. تناقشين بالثقافة .. تعرفين المؤلّفين الكلاسيكيين بأسمائهم و أعمالهم .. تعرفين اسم الموسيقى فقط من سماعها .. أ .. أنّى لكِ كلّ هذا .. ؟ أرجوك أخبريني ..
( تصمت برهة ، ثم تضحك ضحكة خجولة )
- أ .. أنا أيضا لا أعرف .. لا أعرف كيف وجدت الوقت لكلّ ذلك ..
( يصمت برهة )
تعلمين شيئا .. ؟
- ما هو .. خيرا ؟
كنت أظنّ أنّي سأعلّمكِ الكثير .. لكني رأيت نفسي أنّي أنا من سيتعلم منكِ .. فارق السنّ بيننا كان يخوّل لي ذلك .. لكنّ الأدوار الآن انقلبت ..
- ههه جيّد جدّا .. هذا ما كنت أرمي إليه أنا أيضا ..



TAG

عن الكاتب :

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

تحدث حتى أراك

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *