"نوتة أدبية"
لملمت أوراقها .. تلك الأوراق كانت ضمن كتاب أهدته لها صديقتها .. و كان يتضمن نوتات أشهر المقطوعات العالمية ..
• حسنا .. سأبدأ بالتدرب على مقطوعة ( Czardas ) .. لسان حالها هو من قال ذلك ..
لقد كانت تحب هذه المقطوعة جدا .. استمعت لها عبر صديقة مقربة لها .. و منذ تلك اللحظة و نوتاتها لم تفارق خيالها و لا عقلها ... كانت ترى فيها عمقا ...
الجامعة كانت فارغة ذاك المساء .. إنه وقتها المفضل للتدريب .. تأخذ ذاك الكمان البني بلون الشوكولاتة .. و التي لطالما ادّخرت من مصروفها و حرمت نفسها من أبسط الأشياء .. حتى تجمّع لديها الثمن الكافي لشرائه ...
و من ثمّ ، تتّجه إلى ذاك المدرج الصغير .. حتى تتأكّد من عدم وجود أي شخص يعكّر عليها تركيزها و تدريبها المعهود ...
• جيد جدا .. إنه الوقت المناسب لبداية العزف ... أرجو أن لا أصدر ضجيجا أو نشازا كما كان يقول لي أخي دوما ...
فتحت تلك الحقيبة الخشبية .. و تناولت الكمان بيد و القوس باليد الأخرى ..
أخذت النوتات الخاصة بالمقطوعة التي ستقوم بعزفها ..
وقفت بشموخ في وسط القاعة ...
و ها قد بدأ العزف ...
...
• لا ... لا ... ليس هكذا .. لقد عزفت المقطع الأول بالخطأ ... سرعة العزف كانت أبطأ من المعهود ..
و الصوت لم يكن واضحا ... يجب أن أركّز المرّة القادمة لئلا يسخر مني أخي ...
أعادت استجماع قواها .. شهيق يليه زفير .. شهيق يليه زفير .. أعادت وضع أصابعها بالطريقة الصحيحة ...
...
• ههه .. ! لا أكاد أصدق نفسي .. ! قالتها و عيناها تشعّ فرحا و حبورا ..
• إنّها بداية جيّدة .. قمت بعزفها بالطريقة الصحيحة ! حسنا يا " مينا " .. تريّثي الآن و ركّزي في عزف المقطع الثاني بنفس النسق !!
...
• هااه .. ! ما هذا التصفيق الذي أسمع ؟؟
إلتفتت ورائها ..
- برافو .. !! ... و أكمل تصفيقه ..
...
• هااه .. إنّه نفس ذاك الشاب الذي يلقي عليّ التّحيّة كلّ صباح ..
• شـ .. شـكرا لك .. و لكنّ العزف لم يكن بذاك القدر من البراعة .. ههه .. كانت مجرّد محاولة من مبتدئة ...
- بلى .. كان رائعا .. هههه كان هادئا و عميقا و متناسقا ..
• هذا كلّه من لطفك و حسن كلامك .. لم يركّز أحد من قبل في عزفي .. أو يقم بتشجيعي هكذا ...
- ههه العفو .. لا عليك ..
• لقد كنت أقوم بتعلمّ هذه المقطوعة لـ " Vittorio Monti " .. هل تعرفه ؟
- ههه .. لا ... و لكنني تشوّقت لأعرف المزيد عنه .. مادام أنه قام بتأليف مقطوعة كهذه الرائعة ..
• نعم تماما ههه ..
- سُعِدْتُ بسماع عزفك .. و لكنّني عليّ الذّهاب ...
• حسنا .. تناول هذه الأوراق .. ستعرف بعض المعلومات عنه بتعمّق ...
- أنا متشكّر لكِ جدّا يا ... ؟؟
• ههه .. " مينا " .. أدعى " مينا " ...
- سرنّي كثيرا معرفتك .. إلى اللقاء ..
• ههه إلى اللقاء .. إذا أردت سماع بعض الموسيقى الكلاسيكية .. ستجدني غالبا بهذه القاعة أتدرّب ..
- جيّد جدّا .. إتفقنا ...
...
حان وقت الذهاب ... وضعت الكمان و القوس و الأوراق داخل الحقيبة و راحت قاصدة غرفتها ...
• يومي كان إستثنائيا .. سيكون موعدي مع مذكّراتي الليلة حافلا بالأحداث !
حرفك ونغمك مليئ بالحب
ردحذف